أحمد السعداوي (أبوظبي)
شجرة أم غافة واحدة من الشواهد التاريخية على مراحل مهمة مرت بها دولة الإمارات، حيث عرفت هذه الشجرة كملتقى لأهالي المنطقة في ليالي السمر للاطمئنان على أحوال بعضهم بعضاً وتبادل الأخبار التي تأتيهم من هنا وهناك من العابرين أو أبناء المنطقة القادمين من الرحلات والأسفار، بحسب سعيد النيادي، أحد أبناء المنطقة الذي أوضح لـ«الاتحاد» أنه نظراً لأهمية هذه الشجرة سميت المنطقة الواقعة على مسافة 30 كيلومتراً شرق مدينة العين باسم «أم غافة»، وأصبحت الشجرة أكثر أهمية ومثلت رقماً مهماً بين أهالي المنطقة بصفة خاصة والإمارات بصفة عامة، حين زارها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 1978، لتصبح هذه الزيارة علامة فارقة لأهالي المنطقة وسبباً لنقلة حضارية بعيدة، عكست بشكل جلي اهتمام المغفور له بوضع أسس وقواعد النهضة والعمران في كافة أرجاء الإمارات ومنها منطقة «أم غافة».
رمز ومدلول
وبيَّن النيادي أن «أم غافة» هي واحدة من شجر الغاف، وهي الشجرة ذات الرمز والمدلول الضارب في عمق المجتمع الإماراتي، ولذلك اتخذت شعاراً لـ«عام التسامح»، ما زاد من قيمة الشجرة في نفوس أبناء المنطقة والإمارات، حيث كان الاسم القديم لهذه الشجرة هو «عود الراحة» بحيث كان يستريح أهل المنطقة تحتها ويتظللون بها في أيام الحر، ويتسامرون تحتها حين يكون الجو مناسباً.
ولفت إلى أن شجرة الغاف، مثلت عبر الزمن جزءاً من تاريخ وتراث الشعب الإماراتي، وارتبطت بكثير من الحكايات والوقائع التاريخية التي عاشها أهل الإمارات عبر الزمن، فضلاً عن عديد من الفوائد البيئية التي تتميز بها شجرة الغاف، التي غرست قبل عشرات السنين إلى جوار بئر للمياه يصل عمقه إلى 12 باعاً، أي نحو 30 متراً تقريباً، وإلى الآن ما زالت الشجرة قائمة ويرتادها الكثيرون خاصة بعدما اكتسبت أهمية تاريخية حين زارها المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، وأصدر أوامر متنوعة رسمت ملامح النهضة والعمران في تلك المنطقة العزيزة على قلب كل إماراتي، حيث أمر المغفور له بإنشاء 20 بيتاً لأهل المنطقة، أعقبها لاحقاً بإصدار الأوامر ببناء 30 بيتاً بعدها من البيوت الحديثة المجهزة لهم بكل وسائل الراحة، إضافة إلى مزارع وسوق وعيادة، وغيرها من المرافق الأساسية التي يحتاج إليها المواطنون وتسهل عليهم أمور حياتهم.
رمز التسامح
أما مطر سالم مصبح، فعبّر عن سعادته باختيار الدولة لشجرة الغاف رمزاً لـ«عام التسامح»، ما يعكس قيمة منطقة «أم غافة» كأحد الأماكن ذات القيمة الكبيرة لدى أبناء الإمارات، خاصة وأن اسمها اقترن بهذه الشجرة، التي تعتبر رمزاً للصبر والعطاء، حيث تتحمل كافة الظروف الجوية الصعبة، وفي الوقت ذاته تمنح الظل والراحة لكل زائر أو عابر سبيل، وكأنها تعبر عن الصورة الجميلة التي عرفها العالم عن دولة الإمارات وارتباطها بالتسامح، حيث إن الإمارات تفتح أبوابها للجميع وتمنحهم الاستقرار والحب وفرص العيش القائمة على أساس من المحبة والتفاهم والتعايش بين جميع فئات الجميع.
شارع «ملاقط»
في حين بين سلطان مفتاح النيادي أن زيارات الشيخ زايد رحمه الله تكررت لمنطقة أم غافة، وآخرها في عام 2003، وحينها وجه بإنشاء طريقين جديدين، وهما شارع «أم غافة» وشارع «ملاقط»، اللذان يسرا كثيراً من سهولة حركة السكان وانتقالهم من وإلى منطقة «أم غافة»، التي ازدادت عمراناً عقب هذه الزيارات الميمونة بعد أن كانت المنطقة مجرد سيح كبير غير صالح للاستقرار السكاني، بينما الآن أصبحت إحدى الحواضر المهمة في مدينة العين ويسكنها الآلاف من أبناء الإمارات وغيرهم من أبناء الجنسيات الأخرى.